أردوغان بين الإحباط والفشل
د.نسيب حطيط
يمثل رئيس الوزراء التركي أردوغان نموذجا للإسلام الأميركي (العلمانية الاسلامية)،الذي يحمل الإسم ويحرف الجوهر،وينادي بالديمقراطية ويقصف الأكراد ويقمع العلويين،ويتصرف مذهبيا،كأداة يستخدمها الغرب دون إعطائه شرف الحليف.
نظر الثنائي(أردوغان-أوغلو)إلى ظلهما في صباح إنفجار الأحداث السورية فتراءى لهما ظلهما الكبير،فظنوا أنهما دولة عظمى تقول فينفذ الجميع ويحددون المهل على طريقة قطر،فيرتعد النظام في سوريا ويأتي زاحفا رافعا يديه معلنا التوبة والإستقالة!!
لقد تمادى أردوغان بإساءاته لسوريا وللمنطقة،وتعهد بتنفيذ المشروع الأميركي-الإسرائيلي،ليستحوذ على شرف مسؤولية تخريب سوريا وإحداث الفتنة المذهبية والتدخل في العراق ورعاية(الإسلاميين الجدد)وتسهيل أعمالهم التخريبية في المنطقة وقد قام(أردوغان-غول)بالمعاصي السياسية التالية:
- تنصيب أنفسهما(ولي الأمر) للرئيس الأسد وأوصياء على سوريا وتحديد المهل الزمنية للإصلاح وإسقاط النظام.
- إيواء ورعاية الأعداد العسكري والبشري للمسلحين (لعسكرة)الحراك الشعبي وفتح الحدود للمرتزقة الذين يلقبون(بالمجاهدين)ولكن ليس ضد إسرائيل بل ضد المسلمين والمسيحيين.
- المتاجرة باللاجئين السوريين وعدم حمايتهم من الإغتصاب والسرقة لتأليبهم على النظام وإستغلالهم دوليا.
- إثارة النعرات المذهبية،(العلوية-السنية)في سوريا(والشيعية-السنية)في العراق وحماية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المتهم بأعمال إرهابية.
- تسهيل عبور(الموساد)وأجهزة المخابرات الغربية إلى سوريا لقيادة العمليات وتنفيذ عمليات الإغتيال للكفاءات السورية.
- إستقبال الدرع الصاروخية الأميركية،لتأمين الأمن الإستراتيجي لأميركا وإسرائيل وتهديد إيران وروسيا وكل المنطقة.
- رعاية(الإسلام السياسي)الذي يرفع شعاره الأخوان المسلمين في العالم العربي ورعاية السلفية الجهادية،وتطويعهما لخدمة المشروع الأميركي تعويضا عن الفشل الأميركي في العراق وأفغانستان والهزيمة الإسرائيلية في لبنان وغزة.
لكن صمود النظام والجيش والشعب في سوريا أسقط الأحلام التركية،وأوقع حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان في المأزق،بعدما أحرق كل مراكبه للعودة ودمر جسور التواصل مع سوريا وهو الآن أمام الإستحقاقات التالية:
- فشل إسقاط النظام في سوريا،مع نجاحه بتخريب سوريا عبر تسليح المعارضة وإستقدام المرتزقة.
- سقوط كل شعاراته فلم يستطع إقامة المنطقة العازلة،ولا إقرار الحظر الجوي ،ولم يستطع توريط الناتو ،وقد تم إذلاله من حلف الناتو بعد إسقاط سوريا للطائرة التركية فخذله فصمت بعد صراخ وعويل.
- فشلت تركيا وحلفائها في توظيف مجلس الأمن لإصدار قرارات شبيهة بما حصل في ليبيا،وأخرج المجلس من اليد الأميركية بعد إستعادة روسيا والصين لدورهما الدولي.
- فشلت تركيا وحلفائها في تجميع المعارضة وسقط ما يسمى بالمجلس الوطني السوري ،وانقسم على نفسه وتشتت وذهبت مؤتمرات أصدقاء سوريا أدراج الرياح.
والسؤال.... ماذا ربحت تركيا من حماقاتها السياسية؟.
- تصاعد المعارك بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني.
- تسهيل الطريق أمام أكراد سوريا إما لتحصيل الحكم الذاتي أو إعلان الإقليم المستقل كما في العراق مما يهدد تركيا جديا على صعيد وحدتها الجيوسياسية ويبشر بقيام دولة كردستان الكبرى.
- إنعزال تركيا على مستوى المنطقة وإحراق ما جمعته خلال عشر سنوات من العلاقات الإقليمية،وخسارة الدور الإقليمي.
- تقسيم المجتمع التركي بين(سنة وعلويين)وبين(أتراك وأكراد)وبين(إسلاميين وعلمانيين)مع الضربات المتلاحقة للجيش ا،التي ستكون حافزا له للإنقلاب على حزب العدالة بعد فشل دوره الإقليمي.
- تزايد الفلتان الأمني في المناطق التركية المحاذية لسوريا،نتيجة تغلغل المسلحين وعصابات الجريمة المنظمة والتهريب مما يهدد الأمن الإجتماعي لتركيا.
- إنكشاف تركيا السياسي والأمني وتركها وحيدة ، بعدما تراجعت أميركا وحلفائها عن التدخل العسكري،ويدفعون تركيا لإرتكاب هذه الحماقة التي إن فعلتها فستكون رصاصة تفجير تركيا،بالفوضى غير الخلاقة،وتنهار أحلام العثمانيون الجدد الذين فشلوا بإستعادة الإمبراطورية العثمانية بعد إنحسارها منذ الحرب العالمية الأولى.
- زعزعة العلاقة مع المثلث الإقليمي الإستراتيجي(إيران-سوريا-العراق)والذي لا تستطيع تركيا تحمل قطع الجسور مع هذا الثلاثي على كل المستويات الإقتصادية والأمنية والجيو-سياسية وخاصة الملف الكردي.
اردوغان ..خرق السفينة التي يركب فيها ،فمتى يغرق؟